:sn-net564:
بسم الله الرحمن الرحيم
محبة النبي صلى الله عليه وسلم
إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم هي المنزلة التي يتنافس بها المتنافسون ، وإليها يشخص العاملون ، وعليها يتفانى المحبون ، وبروح نسيمها يتروح العابدون ، فهي قوت القلوب ، وغذاء الأرواح ، وقرة العيون ، وهي الحياة التي من حرمها فهو من جملة الأموات ، والنور الذي من فقده فهو في بحر الظلمات ، وهي روح الإيمان والأعمال والأحوال والمقامات .
* وإذا كان الإنسان يحب من منحه في دنياه معروفا فانيا منقطعا ، مرة أو مرتين ، أو استنقذه من مهلكة أو مضرة لا تدوم ، فما بالك بمن منحه منحا لا تبيد ولا تزول ، ووقاه من العذاب الأليم الذي لا يفنى ولا يحول .
وإذا كان المرء يحب غيره على ما فيه من صورة حسنة ، وسيرة حميدة ، فكيف بهذا النبي الكريم ، والرسول العظيم ، الجامع لمحاسن الأخلاق والتكريم ، المانح لنا جوامع المكارم والفضل العميم . فقد منحنا الله به منح الدنيا والآخرة ، وأسبغ نعمه علينا باطنة وظاهرة ، باستحق أن يكون حظه من محبتنا له أوفى وأزكى من محبتنا لأنفسنا وأهلينا وأموالنا والناس أجمعين .
* فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من أهله وماله والناس أجمعين “.
* وقال سيدنا عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم : لأنت يا رسول الله أحبُّ إليّ من كل شيء إلا من نفسي التي بين جنبي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :” لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه “، فقال عمر : والذي أنزل عليك الكتاب لأنت أحب إليّ من نفسي التي بين جنبي . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :” الآن يا عمر “.
وقال علي رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ .
ولما أخرج أهلة مكة زيدَ بن الدَّثنة من الحرم ليقتلوه . قال له أبو سفيان بن حرب : أنشدك الله يا زيد ، أتحبّ أن محمدا الآن عندنا نضرب عنقه ، وإنك في أهلك . فقال له زيد رضي الله عنه : والله ما أحب أن محمدا صلى الله عليه وسلم الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة ، وأني جالس في أهلي . فقال أبو سفيان : ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمدٍ محمدا .
وقال الإمام البغوي في تفسيره : نزل قول الله تعالى { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين … } في ثوبان ، مولى النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان شديد الحبّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، قليل الصبر عنه . فأتاه ذات يوم ، وقد تغير لونه ، يُعرفُ الحزنُ في وجهه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :” ما غير لونك ؟” فقال : يا رسول الله ما بي مرض ولا وجع ، غير أني إذا لم أرك استوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك . ثم ذكرت الآخرة ، فأخاف أن لا أراك ، لأنك ترفع مع النبيين ، وإني إن دخلت الجنّة كنت في منزلة دون منزلتك ، وإن لم أدخل الجنّة فلا أراك أبدا . فنزلت هذه الآية .
وهذا عبد الله بن زيد الأنصاري رضي الله عنه ، رائي الأذان ، كان يعمل في جنّة له ، فأتاه ابنه فأخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قد توفي . فقال :” اللهم اذهب ببصري حتى لا أرى بعد حبيبي محمدٍ أحدا ، فكُفَّ بصرُهُ .
وبالجملة ؛ فلا حياة للقلب إلا بمحبة الله تعالى ، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا عيش إلا عيش المحبين ، الذين قرت أعينهم بحبيبهم ، وسكنت نفوسهم إليه ، واطمأنت قلوبهم به ، واستأنسوا بقربه ، وتنعموا بمحبته ، ومن لم يظفر بهذه المحبة ، فحياته كلها هموم وغموم وآلام وحسرات .
إن من سعادة العبد أن يرزقه الله تعالى محبة النبي, صلى الله عليه و على آله و سلم، وكيف لا يكون هذا ومحبته صلى الله عليه و على آله و سلم شرط من شروط الإيمان.
أخرج البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه و على آله و سلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)).
فالذين أحبوا رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم فازوا وغنموا، والذين أحبوا رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم صدقوه، وأيدوه، وناصروه، والذين أحبوا رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم بشرهم صلى الله عليه و على آله و سلم أنهم سيكونون معه، ففي الحديث المتفق عليه أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم فقال: المرء يحب القوم، ولم يلحق بهم، فقال رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم: ((المرء مع من أحب)).
ومحبته صلى الله عليه و على آله و سلم سبب لحصول حلاوة الإيمان، فقد أخرج الشيخان عن النبي صلى الله عليه و على آله و سلم أنه قال: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يُقذف في النار)).
والحب وإن كان من أعمال القلوب فإنه لابد أن تظهر آثاره على الجوارح قولاً وفعلاً، والمحب لرسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم لابد أن تظهر محبته لحبيبه صلى الله عليه و على آله و سلم في حياته وسلوكه في عبادته وطاعته حتى يتميز المحب الصادق من الدعي الكاذب.
لقد ذكر العلماء علامات ومقاييس لمعرفة محبة النبي صلى الله عليه و على آله و سلم في قلب الشخص، فتعالوا بنا – إخوة الإيمان – نستعرض – إن شاء الله تعالى – بعض هذه العلامات لنعرف مدى حبنا لرسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم ، وصدقنا معه، وإخلاصنا في هذا الحب العظيم
:sn-net.yoo7.co