موضوع: كرة القدم...وتستمر المعاناة السبت أبريل 30, 2011 12:26 pm
حكم مشاهدة كرة القدم
[b]ن الحمدَ للهِ، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، ومن سيّئاتِ أَعمالِنا، من يهده اللهُ فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هاديَ له .
وأَشهدُ أن لا إِله إِلا الله، وأَشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسولُه، أَمّا بعد:
كرة القدم، وما أَدراك ما كرةُ القدم ؟ إِنّها الهوسُ المتسلّطُ على عقولِ الأَجيالِ في العصرِ الحديثِ. من أَجلها تقامُ المعاركُ، وتنشبُ الحروبُ، وتموتُ الضحايا، ولأجلِها تُطَلَّقُ الزوجاتُ، وتُقَطَّعُ أَواصرُ القُرباتِ، ويطعنُ الأَخُ بالسكينِ أَخاه... !!
ويومَ تقامَ مباراةٌ بين فريقين لامعين، فكأنَّ الحربَ الضروسَ قد أُعلنت، ورفعت لها الراياتُ، وانبرت لها الإذاعاتُ، وهُيّئت لها الشاشاتُ،وأَعدَّ المشجعونَ لها الأحجارَ، والسكاكين، والطبولَ، والمزاميرَ، والأَناشيدَ الجماعيّةَّ،والهتافاتِ القويّة !
وما أَن تنجليَ المعركةُ الحاميةُ عن هزيمةِ أَحدِ الفريقين، حتّى ينتقلَ ميدانُ المعركةِ من ساحةِ الملعبِ، ليكونَ ميدانُها في البيوتِ، والمدارسِ، والدواوين، ومكاتبِ الموظفين، والمقاهي، وعلى المصاطب والمنتديات، وتسفرُ المعركةُ أخيرًا عن سقوطِ ضحايا من الجانبين.وما أَن تهدأَ حدتُها، وتنجلي غمرتها، حتّى تبدأ َمعركةٌ أُخرى بمباراةٍ ثانية..وهلمّ جرّا. وإِذا رفعت صوت العقل لتناقشَ أَحدَ هؤلاءِ المصابين بالهوسِ الكروي، قال لك بملءِ شدقيه: (إِنّني رياضي) !!
فإن من المصائب التي أصابت أمة الإسلام، مصيبة الافتتان بكرة القدم، أخذوها عن غيرهم، من غير ضوابط، ولا عرض على ميزان الشرع، ولا نظر إلى المصلحة والمفسدة، فتأثروا بها منذ زمن، رُبِّيَ عليها الصغير، وهرم عليها الكبير، ومات من أجلها الكثير، ورُصد لها مليارات الدولارات، ووسائل إعلام، وجامعات وطائرات، ومعسكرات وفضائيات واتحادات، وحافلات وسيارات ومدربين، وغير ذلك من الوسائل. وأصبح هذا قاسما مشتركا بين بعض الدول الإسلامية مع غيرهم، وللأسف فإن المسلمين في أشد الحاجة لتحسين اقتصاد بلدانهم، فضلاً عن جهلهم بدين الله، تجد المسلم يحفظ الأندية واللاعبين ووقت المباريات، ولا يحسن قراءةَ الفاتحةِ، وخير شاهد واقعُ بعضِ المسلمين اليوم.
* أهمية هذه اللعبة
تعتبرُ كرة القدم أوسعَ وأَفضلَ رياضةٍ شعبيّةٍ في العالم، وقد بدأَ انتشارُها بعد الحربِ العالميّة الثانية، ومنذُ ذلك الوقت أَصبحت هذه اللعبةُ ظاهرةً اجتماعيّةً، كما أَصبحَ أَبطالُها من أَلمعِ (نجومِ) !! المجتمع، وأَكثرِهم شهرةً ودخلاً.
وتحظى هذه اللعبةُ في جميع بلاد العالم ـ هذه الأَيام ـ بمزيدٍ من العناية والاهتمام بحيث لا تزاحمها القضايا المصيريّة !! وأَصبحت ـ مع ما في الساحةِ العالميّة من أَحداث جسام ـ قصةَ خداعِ الجماهير خداعًا كاملاً على جميعِ المستويات، فنرى تفاعلَهم مع المبارياتِ على وجهٍ أَشدَّ وأَكثر من تفاعِلهم مع مصير بعضِ الشعوبِ الإسلاميّةِ في سائرِ القارات، ويزيدُ هذا التفاعلَ عنايةُ الجرائدِ والمجلات، وبثُّ المباريات على (الشاشات)، ونشرُ ما يخصُّ (الأَندية) و(الأَبطال) !! من أَخبار وحكايات تجذبِ النَّاسِ.
وساعدَ على ذلك الفراغُ ونسيان الغايةَ التي خُلقوا من أَجلِها، والهدفَ الّذي ينبغي أَن يعملوا لتحقيقه: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}
ومن العجيب أن هذه اللعبةُ لا يمارسها ـ فعليٌّا ـ إِلا القليلون، ولكن الكثيرين يتابعونها على وجهٍ مشين.
* لمحة عن تاريخ كرة القدم
يقالُ إنَّ منشأَ هذه اللعبِةِ هو بلادُ الصين، إِذ أنَّ ثمة رياضةً تشبهُ كرةَ القدمِ تحملُ اسمَ: (تسو ـ تشو) في القرنين الرابعِ والثالثِ قبل الميلاد، وفي إِيطاليا كانوا يلعبونَ كرةَ القدمِ تحت اسمِ (كالسيو) سنة 1410، وكانت أُولى الإشارات الواضحة لممارسةِ هذه اللعبةِ في إِنجلترا على إِثرِ موتِ حارسِ مرمًى مفاجئ بتاريخ 23 شباط 1585.
وفي عام 1863 تأسست في بريطانيا (جمعيّة كرة القدم البريطانيّة) وظلَّ الإنجليزُ زهاءَ 70 عامًا حتّى سنة 1930 سادةَ هذه اللعبةِ، يتغلبونَ على الفرقِ الأَقلّ خبرةً منهم، وبعد ذلك بدأت فرقُ أَميركا اللاتينيّة تظهرُ تفوقَها على الفرق البريطانيّة وغيرها.
واليوم هناكَ أكثرُ من 130 دولة أَعضاء في الاتحادِ العالمي لفرق كرةِ القدم، وتجري في معظمِ المدنِ الأُوروبيّة مراهناتٌ أُسبوعيّة لنتائجِ مبارياتِ فرقِ كرةِ القدمِ باسم (تو تو)، تذهبُ إِيراداتها الضخمةُ لصالحِ المتراهنين الفائزين والمؤسساتِ الرياضيّة.
وتأسسَ الاتحادُ العالمي لكرةِ القدمِ في باريس 21 أَيَّار 1904، وبرعايته وإِشرافِه أُنشئت في 13يولية 1930 مبارياتُ كأسِ العالمِ لكرةِ القدمِ، وذلك في (مونتفيديو) بالأورجواي، وهنالك بطولاتٌ أُخرى تقامُ مثل بطولةِ (الكأس الأوروبيّة) الّتي تضاهي بطولةَ (كأس العالمِ)، وأُنشئت هذه البطولةُ سنة 1958، وتجري هاتان البطولتان كل أَربعِ سنواتٍ مرّةً.
** مشروعيّة ممارسة (كرة القدم) وفوائدها
هذه كرة القدمِ ــ اللعبة المفترى عليها. وأَمّا الوجهُ الحقيقي لهذه اللعبةِ، فإِنّنا ــ إذا فهمنا مقاصدَ الإِسلامِ ومنهجَه في بناءِ المجتمعاتِ ــ نجدُ كرةَ القدمِ من الأَلعابِ الّتي يزكيها الإِسلامُ وتزكيها تعاليمُه؛ فهي مدرسة تعلّمُ دروسًا في التجميعِ لا في التشتيتِ، وفي الوحدةِ لا في التفرّقِ، وفي الودِّ لا في التباغضِ والعداوةِ. اللعبةُ الّتي تؤكدُ أَنَّ الأَهدافَ لا يمكنُ أَن تحققَ إِلاّ بالروحِ الجماعيّةِ، وأنَّ الفردَ بنفسِه كثيرٌ بإِخوانِه.
ممارسةٌ (كرةِ القدم) من الأُمورِ المشروعةِ، إِذ لا نعرفُ دليلاً يحرِّمها، والأَصلُ في الأشياء الإباحة ُ، بل لا يبعدُ أن تكونَ من المستحبّاتِ، إذا مارسها المسلمُ ليتقوَّى بدنُه، ويتخذَها وسيلةً لتكسبَه قوةً ونشاطًا وحيويةً، وقد رغّبَ الشرعُ في تعاطيِ الأَسباب المقوّيِة للبدنِ، لأَجلِ الجهادِ، وقد ثبتَ عن رسولِ صلى الله عليه وسلم قولُه:المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأَحبُّ إِلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ، وفي كلِّ خيرٌ) (3) رواه مسلم رقم (2664)
قال شيخُ الإِسلام ابن تيميّة رحمه الله تعالى: ... ولعبُ الكرةِ إِذا كانَ قصدُ صاحبِة المنفعةَ للخيلِ والرجالِ؛ بحيثُ يستعانُ بها على الكرِّ والفرِّ، والدخولِ والخروجِ ونحوهِ في الجهادِ، وغرضُه الاستعانةُ على الجهادِ الّذي أَمر الله به ورسولُه صلى الله عليه وسلم ـ فهو حسن، وإنْْْْْْْْ كانَ في ذلك مضرةٌ بالخيلِ و الرّجالِ، فإنّه ينهى عنه).
فإن اقترنت معها المحذوراتُ والمفاسدُ والأَضرارُ فيكونُ حكمُها حكمَ هذه القرائنِ، فقد يصلُ حكمُها إِلى درجةِ التحريمِ في حقِّ بعضِ (المهووسين) و (المتعصبين).
ونسألُ هذا الذي يرفعُ رايةَ التعصبِ الأَعمى، ولا يفهمُ من الرياضةِ إِلاّ اسمها، أّسألُه هذا السؤالَ: هل يستطيعُ اللاعبُ الأَنانيّ أَن يحققَ هدفاً وحده مهما كانت كفاءته؟ كلاّ؛ لأَنَّ الكرةَ ستتعثرُ على قدمِه، وسيستولي عليها الفريقُ الآخرُ. والفريقُ الّذي يحققُ الأَهدافَ النظيفةَ هو الفريقُ الّذي يلتزمُ بروحِ الجماعة. هل وعينا الدرسَ من مدرسةِ الكرةِ الّتي نتعصبُ لها؟
هل يعلمُ الحكّامُ والمشجِّعون المسلمونُ أنَّ روحَ التفرقةِ، والأَثَرةِ، والاستبدادِ بالرأي، تقودُ في النهايةِ إِلى الهزيمةِ المنكرةِ على مسرحِ البطولةِ في كلِّ الميادين؟
معنى ذلك أنّني ضحلُ التفكير، ضيقُ الأُفقِ، أَنانيّ الطبعِ، مستبدٌّ برأيي، لا أَفهمُ شيئاً عن الروحِ الرياضيّةِ، ولا أَجدُ من أَنواعِ الرياضةِ إِلاّ التصفيقَ الأَرعنَ، والهتافَ المحمومَ.
إِنّنا لا نحجرُ عليكَ في أن تنتميَ إِلى نادٍ وتشجعه. نحن معك ولكن هنالك فرقٌ كبيرٌ بين التشجيعِ والتعصبِ، ولغةِ الحجارةِ والطوبِ، ولغة الروحِ الرياضيّة الّتي تعلمُنا أنَّ نبتسمَ عند الهزيمة ونتواضعَ عند النصر،وتعلمُنا أنَّ الأَيامَ دولٌ.
فيومٌ علينا ويومٌ لنا ويومٌ نُساءُ ويومٌ نُسرُّ
إنَّ رسولِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِ َِِِِ الله صلى الله عليه وسلم يضعُ لنا المثلَ الأََعلى في الروحِ الرياضية، فعن أَنسِ بن مالكِ ـ رضي الله عنه ـ قالَ: كانت العَضباءُ (ناقةُ النبيّ صلى الله عليه وسلم) لا تُسْبَقُ، فجاء أَعرابيٌّ على قَعودِ لَهُ فَسَابَقَها فَسَبَقها، وكأنَّ ذلكَ شقَّ على أَصحابِ النبيّ. ولكنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتهزُ الفرصةَ، ليعلمَهم الروحَ الرياضيةَ، ويعطيَهم درسًا في أنَّ الجلوسَ على القمةِ في الدنيا لا يدومُ لأَحدِ، فقالَ عليه الصلاةُ والسلامُSadإِنَّ حقَّا على اللهِ ـ عزَّ وجلَّ ـ أَلاّ يرفعَ شيئاً من الدُنْيا إلاّ وَضَعَهُ).
أنسألُ الله لناوللمتعصبين العفوَ والعافيةَ، والشفاءَ من كلِّ داء.
*أضرار لعبة كرة القدم
المتأمّلُ في مبارياتِ (كرةِ القدمِ) في أَنحاءِ العالمِ، يجدُ فيها مجموعةً من السلبياتِ والظواهرِ السيئةِ، يمكن إجمالُها بالآتي:
أَولاً: إنَّ كرةَ القدمِ أَصبحت وسيلةً لتفريِق الأُمّةِ، وإِشاعةِ العداوةِ والبغضاءِ بين أَفرادِها؛ حيثُ أَوجدت التعصبَ المقيتَ للفرقِ الرياضيّةِ المختلفةِ، فهذا يشجعُ فريقاً، وذاكَ يشجَّع فريقًا آخرَ، بل إنَّ أَهلَ البيتِ الواحد ينقسمونَ على أنفسِهم، هذا يتبعُ فريقًا، وذاكَ يتبعُ فريقًا آخرَ، ولم يقف الأَمرُ عند حدِّ التشجيعِ، بل تعداهُ إِلى سخريةِ أَتباعِ الفريقِ المنتصرِ من أَتباعِ المنهزمين، وفي نهايةِ المطافِ يكونُ هناكَ الشجارُ والعراكُ الّذي يدور بين مشجعي الفريقين، وسقوطُ الجرحى والقتلى بالمئاتِ، من ضحايا كرة القدم !!
وقد اضطرَّ منظمو المباراةِ النهائيّةِ لكأسِ العالمِ بين (البرازيل) و (الأورجواي) الّتي أُقيمت في 16 يولية 1950 على ملعب (ماراكانا) البلديِّ في مدينةِ (رويودي جانيرو) في (البرازيل) ـ إِلى صنعِ حفرةٍ عرضها (13) متراً، وعمقها أكثر من متر ونصف، لتصون اللاعبين من الجمهور.
ثانياً: الأصلُ في حَضِّ الإسلامِ على الرياضةِ، هو أن يباشرَها المسلمُ بنفسِه أو مع غيرِه، لتحصلَ له القوّةُ المطلوبةُ، أمّا كرةُ القدمِ الآنَ، فإنَّ أَهمَّ عنصرٍ مقصودٍ فيها هم المشاهدون المشجعونَ، الّذين يصلُ عددُهم إلى مئاتِ الألوفِ وأَكثر، ولا يستفيدونَ من كرةِ القدمِ شيئاً، فكانَ أَكبر عددٍ من المشاهدين لتتبع مباراةِ رياضيّة واحدةٍ حوالي (1500) مليون مشاهد حضروا المباراة النهائية لكأس العالمِ في كرة ِالقدم ِسنة (1982).
وفي سنةِ (1950) ، وخلال مباريات كأس العالمِ، وفي المباراة الّتي جرت بين البرازيل والأورجواي في ملعبِ (ماراكانا) في البرازيل حضرَ هذه المباراة (205000) متفرّج، بينهم (199854) ببطاقات مدفوعة.
فماذا استفادت هذه الأَعدادُ من حضورِ المباريات؟! وكم خسرت مجتمعاتُهم من هدرٍ للأَوقاتِ والطاقاتِ؟! فضلاً عن الشرورِ الّتي تصيبُ بعضَهم، وقد تصلُ إِلى المماتِ، إِثْرَ نوباتِ القلبِ أَو الانتحاراتِ !.
أمّا ما يعتادُه كثيرٌ من المشاهدين من بذاءةِ الأَلسنِ ووقاحةِ العباراتِ، والتخاطبِ بالفحشِ، ورديءِ الكلامِ، وقذفٍ ولعنٍ لبعضِهم وللحكَّام، فهذا ممّا يُعَدَّ من الحرام.
والشواهدُ على ذلك من المباريات الشهيرة لا تعدُّ ولا تحصى. وهذا ليسَ أَمرًا خاصَّا بالمشاهدين، وإِنَّما قد يتعدّاهُ إِلى اللاعبيِن، فمثلاً: في مباراةِ الكأسِ بين فريقين من فرق الأَندية التي تلعب في (انجلترا) والّت جرت في 3 ديسمبر 1969 سجلَ حَكمُ المباراةِ جزاءً على (22) لاعبًا، بما فيهم ذلك الذي انتهى به المطافُ إِلى المستشفى.
وفي 23 مايو 1973، في مباراةِ قمَّة الكأسِ بين فريقين من الفرق الاِنجليزيَّة، أَخرج الحَكمُ فريقا َبكامله من الملعب بالإضافة إلى بعض المسؤولين من حلبه اللعب. وحصلَ جميعُ أَفرادِ فريقٍ في (بريطانيا) الأحدَ عشرَ لاعباً مع لاعبي الاحتياطِ على إنذارات في 2 فبراير 1975 قبل بداية المباراة، إِذ َلم يرتح الحَكم لما كانَ يهتف به المشجعون من عباراتٍ وأَناشيدَ.
ثالثاً: إنَّ في اللعبِ بالكرةِ ضررًا على اللاعبين في بعضِ الأََحايين، فربّما سقطَ أحدُهم فتخلّعت أَعضاوهُ، وربما انكسرت رجلُ أحدِهم، أو يدُه، أو بعضُ أضلاعِه، وربّما حصلَ فيه شجاجٌ في وجهه، أو رأسِه، وربّما سقطَ أَحدُهم فغشي عليه ساعة أَو أَكثر أَو أَقل، بل ربّما آلَ الأَمرُ ببعضِهم إِلى الهلاكِ كما قد ذكرَ عن غيرِ واحدٍ من اللاعبين بها، وما كان هذا شأنه، فاللعبُ به لا يجوزُ. وربّما تعاطى بعضُهم (المخدرات) أو (المنشطاتِ) ليحسِّنَ أَداءَِه، وقد شاعَ وذاعَ عن بعضِ الكفارِ في الآونةِ الأخيرةِ، ممن هو علمٌ من أَعلامِ هذه اللعبةِ، وكادَ بعضُ المهووسين أن (يتيم) به.
رابعًا: إنَّ في لعبِ (كرةِ القدم) صدًّا للمتفرّجين، الذين تصلُ أَعدادُهم إِلى مئاتِ الأُلوفِ، عن ذكرِ الله، وعن الصلاةِ، وهذا أَمرٌ معروفٌ عندَ النَّاسِ عامّتهم وخاصّتِهم. وتعاطي ما يصدُّ عن ذكرِ الله، وعن الصلاّةِ حرامٌ.
قال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) البقرة، الآية152
وقال تعالى:وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)لأحزاب، الآية 35 ؛ وقال صلى الله عليه وسلم:مَثَلُ الذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتْ)(متفق عليه).
وهذه المفسدة وحدها تكفي، ومن أُبتليَ بهذا فليتق ربه، قال عليه الصلاة والسلامSadمَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَّجْلِسٍ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلا قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيْفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً) أبو داود 4/264، وأحمد 2/389، وانظر صحيح الجامع)، ومثال على ذلك (فهل المتفرج على الكرة يهلل ويسبح، أم أنه غافلٌ، ينتقل بنظره وقلبه في جنبات الملعب؟
وكم سمعنا عن أُناسٍ مّمن يتابعونَ مبارياتِ كأسِ العالمِ، أَنَّهم يستيقظونَ في النصفِ الأَخيرِ من الليلِ؛ ليشاهدوا المباريات على شاشة (التلفاز)، وتفوتهم صلاةُ الفجرِ؟! وكم من المصلين فاتتهم الصلاةُ في الجماعاتِ، بسببِ جلوسِهم أَمامَ (الشاشات)؟!
وهذا معلوم للعام والخاص. ولو نظرنا لقارات العالم من حيث الزمن لوجدنا اختلافاً كثيراً، مثلاً ما بين المشرق والمغرب أكثر من ثمان ساعات تقريباً. لو كان مكان لعب الكرة في أمريكا، ووقتها عند غروب الشمس، والمشاهد عبر الفضائيات في البحرين أو اليمن، فما الوقت عندهم أي البحرين واليمن، إنه وقت متأخر، وهذا سبب رئيسي لتضييع صلاة الفجر. والنبي أرشدنا إلى فضل صلاة الفجر والعصر، فقال عليه الصلاة والسلام:من صلى البردين دخل الجنة)( البخاري 574 ومسلم 635). (البردان) الصبح والعصر.
وقال:من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته في شيء فيدركه فيكبه في نارجهنم)( مسلم 1050).
وعن عبد الله ابن مسعود t قال قال رسول الله:لا سمر إِلا لِمُصلِّ أو مسافر)(أحمد 40233). وروي مالك في الموطأ (أَنَّ عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة في صلاة الصبح، فغدا عمر بن الخطاب إلى السوق – ومسكن سليمان بين السوق والمسجد النَّبوي – فمرّ على الشِّفاء أم سليمان، فقال لها: لم أر سليمان في الصبح! فقالت: إنَّه بات يصلي فغلبته عيناه، فقال عمر: لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إليَّ من أن أقوم ليلة) (مالك 270). وهذا سهر على طاعة الله، فما بالكم بمن يسهر على غير طاعة؟
قال الإمام الشاطبي رحمه الله:كره مالك إحياء الليل كله، وقال: لعله يصبح مغلوباً، وفي رسول الله إسوة حسنة، ثم قال:لا بأس به ما لم يضر بصلاة الصبح). والمقصود من إحياء الليل، أي من الطاعات، والقربات لله تعالى.
أضف إلى ذلك عدم الخشوع في الصلاة. وهذا يحدث عندما تكون الكرة منقولة على التلفاز، وتكون في وقتٍ من أوقات الصلاة. ماذا يكون موقفه، هل يذهب إلى المسجد أم يبقى يتفرج على الكرة؟ الجواب: إذا بقي سوف يحرم نفسه من الصلاة مع جماعة المسلمين، وإذا ذهب سوف يكون قلبه متعلق بالكرة، إلا من رحم الله، فالنصيحة تركها، وهناك كثير من الناس يتهاون بصلاة الجماعة، بسبب هذا الداء الخطير. نسأل الله العافية تجده لا يأتي بمعقبات الصلاة، وعندما يسمع الإمام سلّم يطير طيراناً إلى التلفاز، ويأتي الصلاة التي تليها بنفس الحال، فيتهاون بأمر صلاة الجماعة حتى يترك الجماعة. وإلى الله المشتكى. والأَدهى من ذلك كلِّه ما يقعُ فيه أولئكَ الذين يسافرونَ من قطرٍ إِلى قطرٍ، أو ينتقلونَ من مدينةٍ إِلى أُخرى، لحضورِ (مباراة)، وقد تكونُ في وقتِ (صلاةِ الجمعة). حيث مئاتِ الأُلوفِ، يجتمعونَ في وقتِ صلاةِ الجمعةِ في المدرجاتِ، ويناديهم منادي السّماءِ، ولكن ! أنّى لهم أَن يستجيبوا له، وقد تعطلت عقولُهم، وماتت أَحاسيسُهم، مقابل ماذا؟! مقابل التعصبِ المقيتِ للفرقِ الرياضيِة المختلفةِ).
** من أَحاديثَ في الترهيبِ من ترك صلاةِ الجمعةِ:
ـ عن أبن عباسٍ رضي الله عنهما قال: من تركَ الجمعةَ ثلاثَ جمعٍ متوالياتٍ، فقد نبذَ الإِسلام وراءَ ظهره) أَخرجه أبو يعلى موقوفاً بإسنادٍ صحيح، (التلخيص الحبير) (2/53)
ـ وعن أَبي الجعد الضَّمْري _ وكانت له صحبة رضي الله عنه _ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: من تركَ ثلاثَ جمعٍ تهاوناً بها طبع َ اللهُ على قلبِه) أَخرجه الترمذيُّ في (الجامع) رقم (500)، وأَبو داود في (السنن) رقم (1052)، والنسائي في (المجتبى) (3/88)،وأَحمد في (المسند) (3/424،425)، وابن ماجه في (السنن) رقم (1125)، وهو صحيح.
_ والعياذُ باللهِ _ إِذ الطبعُ: الختمُ، فتكون قلوبُهم ذات جفاءٍ، لا يَصلُ إِليها شيءٌ من الخير.
وظاهرُ الحديث والأَثرِ السابقين: أنَّ من تَرَكَ ثلاثَ جمعِ تهاونًا _ أَي بلا عذر _ يطبعُ على قلبِه، ويكونُ من الغافلين والمنافقين، ولو كانَ التركُ متفرقاً، وبه قال بعضُهم، حتّى لو تركَ كلَّ سنةٍ جمعةٍ، لطبعَ على قلبِه بعد الثالثة.
واعتبارُ الثّلاث إِمهالٌ من اللهِ _ تعالى _ للعبدِ، ورحمةٌ به، لعلّه يتوبُ من ذنبِه، ويثوبُ إِلى رشدِه، ويؤدّي الجمعةَ، ولا يتركها بلا عذرٍ.
وأَفادَ الحديثُ: أنَّ مَن وَجَبَت عليه الجمعةُ، وتركَها لغيرٍٍٍٍ عُذرٍٍ، فهو آثمٌ إِثمًا كبيرًا، يستحقٌّ مرتكبُه العذابَ الأَليمَ.
وذهبُ بعضُ أَهلِ العلمِ _ مالكٌ وأَحمدُ والشافعيُّ في الجديدِ _ أنَّ مَنْ لَزمتهم الجمعةُ، ولا عذرَ لهم في التخلّفِ عنها _ كمشاهدي (الكرةِ) ولاعبيها وقتَ الجمعةِ هذه الأَيامِ _ فلا تصحُّ لهم صلاةُ الظهرِ قبلَ صلاةِ الإِمامِ، ويلزمُهم السعيِ إِن ظنّوا أنهم يدركونها، لأنّها المفروضةُ عليهم، فإِن أَدركوها مع الإِمامِ صلّوها، وإِن فاتتهم فعليهم الظهرُ،وإِنْ ظنّوا أنّهم لا يدركونها، انتظروا حتّى يتيقنوا أنَّ الإِمامَ قد صلّى ثمَّ يصلّونَ الظهرَ.
ودليلُ ذلك ما قالَه عبد اللهِ بن مسعودٍ: (من فاتته الركعتانِ، فليصلِّ أَربعًا) (16) أَخرجه ابن أَبي شيبة في (المصنّف) (1/126)، والطبرانيّ في (الكبير)، وهو حسن، كما في (المجمع) (2/192)، وله شواهد.
ويطلبُ ممن وجبت عليه الجمعةُ _ وتركها لغيرِ عذر _ أن يصلى الظهر، ويتصدّقَ بدينارٍ، فإِن لم يجد فبنصفِ دينارٍ. عن سمرةَ بن جندبٍ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: مَن تَركَ الجمعةَ متعمداً، فلتصدّق بدينارٍ، فإن لم يجد فبنصفِ دينارٍ).
قالَ بعضُهم: الأمرُ هنا للاستحبابِ، لأَنَّ الجمعةَ لها بدلٌ، وهو الظهرُ.
والظاهرُ أنَّ الأمرَ هنا للوجوبِ، كما هو الأَصلُ فيه، وكونُ الجمعةِ لها بدلٌ، لايدلُّ على صرفِه عن الوجوبِ، لاحتمال أَن يكونَ وجوبُ الكفارةِ ـ مع صلاةِ الظهر ـ عقاباً له عن تخلّفِه عن الجمعةِ بلا عذر.
وما أَجدر هؤلاءِ المضيعين لهذه الشعيرةِ من شعائرِ اللهِ بالضربِ و الزجر، ورحمَ الله ابن الأخوةِ فإنّه قال في حقِّ تاركِ صلاةِ الجمعة: فمن شُغلَ عنها بتثميرِ مكسبهِ، أَو لها عنها بالإقبالِ على لهوِه ولعبهِ، فحدّه بالآلةِ العُمريّةِ، الّتي تضع ُمن قدرِه وتذيقُه وَبالَ أَمرِه، ولا يمنعك من ذي شيبةٍ شيبتُه، ولا من ذي هيئةٍ هيئتُه، فإنّما هلكَ الّذين قبلكم أنّهم كانوا إِذا سَرَقَ فيهم الشريفُ تركوه، وإِذا سرقَ فيهم الضعيفُ أَقاموا عليه الحدّ).
خامسًا: إنَّ مسابقاتِ كرةِ القدمِ أَصبحت معاولَ هدّامة، استخدمها أَعداءُ الأمّةِ الإِسلاميّة، وشجعوا عليها للقضاءِ على معاني العِزَّةِ والكرامةِ في الأُمّةِ،
حيث بددت الأُمّةُ _ لأَجلِ الرياضياتِ المختلفةِ ومنها كرةُ القدمِ_ أَموالاً طائلةٌ، وأَضاعت أَوقاتًا طويلةً، لو استغلتها الأُمّةُ في الأَعمالِ لنافعة، والصناعاتِ المفيدةِ، لأَصبحت الأُمّةُ في مقامِ الدولِ المتقدمةِ في المجالاتِ المختلفةِ.
ينبغي أن تحسبَ هذه الأَوقات وفق العلاقة التالية:
(الوقت الضائع = مدَّة المباراة × عدد المشاهدين)، فتظهرُ لك الساعاتُ المهدورةُ من وقت الأُمّةِ، وهذه الساعاتُ ــ في حياةِ المسلمين ــ هي ساعات تأَخرهم، وتقهقرهم، وتأخر نصرِ الله عنهم، إِذ هو قريب منهم، ولكنّهم يبعدونَ عنه بمقدار ما يمكنهم القرب منه في هذه المدةِ. وهنالك أَمثلة مذهلة ـ على مستوى الأَفرادِ والفرق ـ فيها هدر طويل للوقت، وإِليك بعض الأَمثلة:
قامَ فريقانِ من خمسةِ لاعبين ـ دون احتياط ـ من فريق باللعبِ طيلة 63 ساعة و 21 دقيقة من 15ـ18 مايو 1980 في (بريطانيا) وذلك في العراءِ.أَما في القاعةِ فقد قامَ فريقان من خمسةِ لاعبين ـ دون احتياط ـ باللعبِ طيلةَ مائة ساعة وخمس دقائق من 4 إِلى 8 أبريل 1980 في بريطانيا أَيضاً.
قام لاعب عمره (20) سنة بتنطيطِ كرةِ قدم لمدّة عشر ساعات دون توقف في قاعةِ الرياضة (السويد) وذلك في 8 مايو 1980، وقد سيطر على الكرة برأسه وقدميه وساقيه ونططها 8.357 مرّة دون أن تسقط على الأَرض. أَمّا مجريٌّ من مواليد (1957) فقد قام بتلعيب الكرة برأسه طيلة ساعتين وسبع دقائق وأَربعين ثانية (18600) ضربة رأس وذلك في (الولايات المتحدة) في 31 مايو 1980.
وهنا نقف قليلاً لنرى كيف كان حال السلف مع أوقاتهم: كان أحدهم يقول: ما أعلم أني ضيّعت ساعةً من عمري في لهو أو لعب).
وقال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره، وكيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله، وتقوده حياته إلى موته.
وكتب الأوزاعيُّ إلى أخٍ له: أما بعد، فقد أُحيط بك من كل جانب، واعلم أنه يسار بك في كل يوم وليلة، فاحذرِ الله، والمقام بين يديه، وأن يكون آخر عهدك به، والسلام. قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: يا ابن آدم إنما أنت أيام، كلما ذهب يومك ذهب بعضُك)(4).
قال الخليل بن أحمد: الوقت ثلاثة أقسام:
(وقت مضى عنك فلن يعود، ووقت أنت فيه فانظر كيف يخرج عنك، ووقت أنت منتظره وقد لاتبلغ إليه).
قال الشاعر:
تمر بنا الأيام تترى وإنما نساق إلى الآجال والعين تنظر
فلا عائدٌ ذاك الشباب الذي مضى ولازائل هذا المشيبُ المكدَّر
وفي الحديث: عن أبي برزة الأسلمي، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله:لاتزول قدماً عبد يوم القيامة حتَّى يسأل عن: عمره فيم أفناه، وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه) الترميذي 2417؛ وصححه
* بالإضافةِ إِلى أنّها شغلت الأُمةَ الإِسلاميّةَ عن التفكيرِ في جهادِ أَعدائها، وقضاياها المصيريّة الكبرى. وممّا يؤكّدُ ذلك ما جاءَ في البروتوكول الثالثَ عَشَر من (بروتوكولاتِ حكماءِ صهيون): ولكي تبقى الجماهيرُ في ضلالٍ، لا تدري ما وراءها، وما أَمامها، ولا ما يُرادُ بها، فإِنّنا سنعملُ على زيادةِ صرفِ أَذهانِها، بإِنشاءِ وسائلِ المباهجِ والمسلياتِ والأَلعابِ، وضروبِ أَشكالِ الرياضة، واللهو، وما به الغذاءُ لملذّاتِها وشهواتِها، والإِكثارِ من القصورِ المزوّقِة، والمباني المزركشةِ، ثمَّّ نجعلُ الصحفَ تدعو إِلى مبارياتٍ فنيّة ورياضيّة.
(بروتوكولات حكماء صهيون) (1/ 258).
والناظرُ فيما تنشرُ المجلاّتُ والجرائدُ يجدُ أَرقامًا مذهلةً، من أُجورٍ تدفعُ لقاء انتقالِ لاعبٍ من فريقٍ إلى آخرَ، قد تصلُ إِلى عشراتِ الملايين، فضلاً عن الأًموالِ الّتي تنفقُ على المدربين، وعلى الملاعبِ والدعاية، وكذا ما ينفقه كثير من المتفرّجين.
سادسًا: التهاون بعقيدة الولاء والبراء
تجد المشجع المسلم يحب فريقاً غير مسلم، لما عنده مهارات اللعب، ويتجاهل ما عنده من كفر، تجده يفرح إذا فازوا، ويحزن إذا خسروا، ويحب فيهم، ويبغض فيهم، وربما يعادي فريقاً مسلماً أو لاعباً مسلماً أو يوالي نصرانياً، أو هندوسياً، لأنه صاحب مهارات، ولقد رأينا على أبواب المتاجر من يعلَّق شعائر الأندية، وفي السيارات يعلق صور اللاعبين، وفي البيوت، وعلى الملابس، ويتشبه بهم في أحوالهم، فيلبس مثل لباسهم، ويلفظ بكلامهم، ويتشبه بهم في أغلب أحوالهم، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَآءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُم خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلي وَابْتِغَآءَ مَرْضَاتِى تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ ِمنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ)الممتحنة، 1
وفي الحديث (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) أبوداود 3512
والشباب يتفرج بحماسٍ شديد، وعندما يخسر من يشجعونه يقومون بالسب والشتم، والشِّجار مع مشجعي الفريق الثاني، وهذا بسبب كرة القدم، التي انعقد عليها الولاء والبراء عند هؤلاء، مما يثير الفتنة بين المسلمين.
* إقامة المظاهرات وأعمال العنف
وهذا يحدث أحياناً عندما ينهزم فريق يقومُ أنصارهُ بالخروج إلى الشوراع، وحرق المتاجر والسيارات، وتخريب المؤسسات العامة، والممتلكات الخاصة، وتعم الفوضى، وينعدم الأمن. ثامنا: في لعبِ (كرة القدم) كشفٌ للعوراتِ، إَذ فيها كشفُ الأَفخاذ، ونظر الناس إَِليها، ونظر بعضهم فخذَ بعضٍ، وهذا لا يجوزُ؛ لأنَّ الفخذَ من العورةِ، وستر العورةِ واجبٌ، إلاّ من الزوجات والإِماءِ، لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم:
(احفظ عورتَك، إِلاّ من زوجتِك، أو ما ملكت يمينُك حسن، انظر (الإرواء) رقم (1810). والأَدلةُ على أنَّ الفخذَ من العورةِ كثيرة، منها:
* ما أَخرجه مالك وأَحمدُ وأَبو داود والترمذي وابن حبان والحاكمُ عن جرهد الأَسلميّ ـ رضي الله عنه ـ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ به وهو كاشفٌ عن فخذِه، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:
(غطِّ فَخذَك؛ فإنَّها من العورةِ) أَخرجه البخاري في (صحيحه) (1/478) تعليقًا، ووصله أَحمد في (المسند)· وما أَخرجه أَبو داود وغيره عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تكشف فخذَك، ولا تنظر إلى فخذِ حَيًّ ولا ميتٍ) أَخرجه أَبو داود في (السنن) رقم (3140) و(4015)، وأَحمد في (المسند) (1/ 146) والحديث صحيح.
فالنظرُ إِلى عورةِ الآخرين حرامٌ، وهذا هو السائدُ في المبارياتِ؛ إِذ لا توجدُ مباراةٌ إِلاّ وتظهرُ فيها الفخذُ، ولا تحدّث عن العوراتِ في (الرياضات النسائيّة)!! ومنها (كرة القدم)، وقد تظهرُ (الحسناواتُ) على (شاشات التلفاز) كدعايةٍ للجهةِ الّتي تغطي نفقاتِ (البثّ).
سابعاً: أصبحت مسابقاتِ كرةِ القدمِ، وسيلةً لقلبِ الموازين؛ حيثُ أصبحَ البطلُ في هذا الزمانِ لاعبَ الكرةِ، لا المجاهد المدافع عن كرامةِ الأُمةِ وعزّتها، بالإضافةِ إِلى بذلِ الأموالِ الضخمةِ للاعبين، والإسلامُ لا يقرُّ قلبَ الموازينٍِ.
ومن العجبِ أن اللعبَ بـ (الكرةِ) قد جُعَل في زمننا من الفنون !! التي تدرّس في المدارسِ، ويعتني بتعلّمه وتعليمِه أعظم ممّا يعتنى بتعلّيمِ القرآن ِ، والعلمِ النافعِ، وتعليمهما.
وهذا دليلٌ على اشتدادِ غربةِ الإِسلامِ في هذا الزمانِ، ونقصِ العلمِ فيه، وظهورِ الجهلِ بما بعثَ اللهُ به رسولَه محمّداً صلى الله عليه وسلم، حتّى عادَ المعروفُ عند الأَكثرين منكرًا، والمنكرُ معروفاً، والسنةُ بدعةً، والبدعةُ سنةً، وهذا من مصداق ما أَخرجه الشيخان عن أَنس مرفوعًا: إنَّ من أَشراطِ الساعةِ أن يرفعَ العلمُ، ويظهرَ الجهلُ) أَخرجه البخاريّ في (الصحيح) رقم (80،81،5231،7808،5577)، ومسلم في (الصحيح) رقم (2671).
واللعبُ بالكرةِ والعنايةُ بها من ظهورِ الجهلِ بلا شكٍّ عند مَنْ عقلَ عن اللهِ ورسولِه صلى الله عليه وسلم، وما أَشبه المفتونين المهووسين بالكرةِ بالّذين قال اللهُ تعالى فيهم: {وذرِ الّذين اتخذوا دينَهم لعبًا ولهوًا وغرّتهم الحياةُ الدنيا} الأَنعام: 70.
وقد قال شيخُ الإِسلامِ ابن تيميّة: إنَّ العلومَ المفضولةَ إِذا زاحمت العلومَ الفاضلةَ، وأَضعفتها فإِنّها تحرّم).
فإِذا كانَ الأَمرُ هكذا في العلومِ الفاضلةِ، فكيفَ باللعبِ بالكرةِ إَذا زاحمَ العلومَ الفاضلةَ وأَضعفها، كما هو الواقعُ في زماننا، مع أَنَّ اللعبَ بالكرةِ ليس بعلمٍ؛ إِنّما هو لهوٌ ومرح !!
ثامنًا: دخولُ المراهناتِ وانتشارها على مباريات كرةِ القدمِ في كلِّ أَقطارِالعالم، وكلُّ قطرٍ فيه فرق، يلعبُ بعضُها مع البعضِ الآخر، أُسبوعيًّا أو شهريًّا حسب الاتفاق.
وعمل المراهنِ في ذلك يقتصرُ على تعبئةِ بطاقة بأَسماءِ الفرقِ الرياضيةِ، الّتي يتوقعُ فوزَها في المبارياتِ المقررةِ، فإنْ فازت الفرقُ الّتي توقعها ربحَ المبلغَ المستحقّ، وإِلاّ؛ فإنّه يخسرُ المبلغَ المراهن به.
وفي بريطانيا حوالي أَربعين في المائة من الرّجالِ، يراهنونَ بشكل منتظم ـ مرّة في الشهرِ ـ على كرةِ القدم، وفي السويد حوالي اثنين وخمسين في المئة يراهنون على كرةِ القدم، وفي أَمريكا راهنَ حوالي ثلاثةٍ وستين مليون شخص على كرةِ القدمِ عام 1968.
وهكذا تكونُ المقامرةُ قد دخلت كرةَ القدمِ، وجعلتها رياضةً حرامًا، بعد أَن كانت جائزةً مستحبّةً. أمَّا البلادُ الإِسلاميَّةُ،فلم تدخلها أنظمةُ المراهناتِ على كرةِ القدمِ وغيرها من الأَلعابِ، لكن بدأَت بعض الأَصواتِ في مصر، تطالبُ بإِدخالِ نظامِ المراهناتِ على كرةِ القدمِ،كحلٍّ لظاهرةِ الإِفلاسِ الماديّ للأًنديةِ الرياضيَّةِ،ولكن هذه الأَصوات لم تلقَ أدنى قبولٍ من العاملين في الأوساط الرياضيَّةِ، ومن علماءِ النَّفسِ والاجتماع،حيث اعتبروها من المقامرةِ الّتي تدمّرُ الأَخلاقَ والسلوكَ، وتتنافى مع العقيدةِ الإِسلاميّة، وهي السببُ الرئيس لأَبشعِ أَعمالِ الشغبِ في الملاعبِ، الّتي تؤدي بدوِرها إِلى سقوطِ مئاتِ المتفرّجين والمتراهنين قتلى وجرحى، كما هو حالُ الدولِ الّتي تأخذُ بنظام المتراهناتِ.
وعلّقَ علماءُ الاجتماعِ الغربيّون على ظاهرةِ مراهناتِ كرةِ القدمِ، وما تؤدي إِليه من أَحداثِ شغبٍ وعنفٍ في الملاعبِ، بأنّها تعبيرٌ عن فراغٍ حادٍّ، يعيشُه الإِنسانُ، بعد أَن طغت المادّةُ عليه، وجعلت قيمةَ الكسبِ هي القيمةَ الأَساسيّةَ في حياتِه، يجبُ أن تتحققَ بأَيِّ ثمنٍ، وأَضافوا أنَّ المبدأَ الأَخلاقيَّ الأساسيَّ الَّذي بنيت عليه الرياضةُ ـ وهو تشجيعُ الفائزِ وتمنّي الحظّ السعيد للمهزومِ في مباراةٍ قادمةِ ـ قد انتهى أساسًا من القاموسِ الرياضي، ليحلَّ محلّه تبادل الشتائمِ، وقذف الطوب والكراسي، وضربُ حكّامِ المبارياتِ وحاملي الراياتِ.
أمّا خبراءُ التربية الرياضيِة البريطانيّون، فقد طالبوا ـ أَكثر من مَرّةٍ ـ بضرورةِ العدولِ عن نظامِ المراهناتِ، وإِلغائه، حتّى يمكنَ القضاءُ على أَحداثِ الشغبِ، الَّتي أَصبحت سِمَةً ظاهرةً في الملاعبِ البريطانيّة، ولم تعد مباراةٌ واحدةٌ تمرُّ دون مصابٍ .
تاسعا: ترك إنكار المنكر
هل المتفرج الذي يذهب للملاعب، يذهب لإنكار المنكر، من كشف للعورات، وسبٌ للدين، وترك للصلاة، أم لا؟
الجواب: لا، كيف يكون الإنسان منكرٌا للمنكر، وهو قاعدٌ بجسده وفكره في عين المنكر، وقلبه متعلق بالمنكر، وهذا لا يسلم منه القاعد على التلفاز أيضاً، فإنه يعتاد النظر إلى المنكر وهيهات أن ينكر، والله تعالى يقول: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرآئيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ~كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)( المائدة، الآية 78- 79).
وفي الحديث، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكم منكر فليغيَّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)رواه مسلم 49
عاشرا: تعطيل مصالح المسلمين
هذه المفسدة تحدث أحياناً بترك الموظف وظيفته، ويذهب للتفرج، ويترك معاملات الناس متروكة، وبهذا يكون قد وقع في عدة محاذير، منها ترك الأمانة... إلخ، وتعطيل مصالح الأمة، والله تعالى يقول:إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء، الآية 58
حادي عشر: الاختلاط بالنساء
وهذا يحدث في مدرجات الملاعب، حيث يختلط الرجال بالنساء، وهذا يؤدي إلى مفاسد كبرى، ومن المعلوم أن فتنة الاختلاط فتنة عظيمة لا يسلم من ضررها من وقع فيها، وفتنة النساء أول فتنة وقعت في بني إسرائيل، كما جاء في الحديث الصحيح:فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)( مسلم 4925).
* بذلُ العوض في مسابقات (كرة القدم)
لا يشرعُ بذلُ العِوضِ على مسابقاتِ (كرةِ القدم) من الجانبين، بمعنى:أنَّ من غلبَ يأخذُ من الآخرِ شيئاً معلومًا. فهذا ضربٌ من ضروبِ القمارِ.
جاءَ في (المهذّب) ما نصّه: وأمّا كرةُ الصولجانِ، ومداحاةِ الأَحجارِ، ورفعها من الأَرض، والمشابكةُ، والسباحةُ، واللعبُ بالخاتمِ، والوقوفُ على رجلٍ واحدةٍ، وغيرُ ذلك من اللعبِ الَّذي لا يستعانُ به على الحربِ، فلا تجوزُ المسابقةُ عليها بعوضٍ، لأنّه لا يُعدُّ للحربِ، فكانَ أَخذُ العوضِ فيه من أَكلِ المالِ بالباطلِ)(1/421) وانظر (تكملة المجموع) (15/ 142).
وذكرَ ابن وهبٍ بإِسنادِه أنَّ عبد اللهِ بن عمرَ مرَّ بغلمانٍ يلعبونَ بالكجّة ـ وهي حفر فيها حصىً يلعبون بها ـ قال: فسدَّها ابن عمر، ونهاهم عنها.
وذكر الهرويُّ في باب (الكاف مع الجيم) في حديث ابن عباس:.. في كلِّ شيءٍ قمار،حتّى في لعبِ الصبيانِ بالكجّة) قال ابن الأعرابيِّ: هو أَن يأَخذَ الصبيُّ خرقةً، فيدوِّرها كأنّها كرةٌ، ثمَّ يتقامرون بها. وكجّ: إِذا لعبَ بالكجّةِ(تفسير القرطبي) (8/340).
ومنه يعلمُ خطأُ كثيرٍ مّمن يلعبونَ على عوضٍ بالصورةِ التالية:
يدفعُ كلُّ واحدٍ من أَعضاءِ الفريقين مبلغًا متساوياً، ويشترونَ (كأسًا) أو (ميداليات)، ويعطى ذلك للفريقِ الفائزِ، وهذا أَمرٌ غيرُ مشروعٍ، وفيه مقامرة ! على الرغم من قيام بعض (الجماعات) به ! واعتباره من نشاطاتِ (دور القرآن)
أَمَّا إِذا قُدِّمَ العوضُ من فريقٍ ثالثٍ، فجعلَه للغالبِ أو الفائزِ، أَو قال أَحدهما للآخرِ: إِنْ غلبتني فتغنم، وإِنْ غلبتُك فلا تغرم،فهذه الصورُ كلّها مشروعةٌ كما بسطه الإمام ابن القيم، في كتابه الفذّ (الفروسيّة) (ص325).
* فتاوى أهل العلم في كرة القدم
حكم الدخول إلى الملاعب لحضور المباريات
السؤال: ما هو الحكم في الدخول إلى ملعب كرة القدم لمشاهدة إحدى المباريات؟.
الجواب: الدخول في الملعب لمشاهدة مباريات لكرة القدم إن كان لا يترتب عليه ترك واجب كالصلاة، و ليس فيه رؤية عورة، ولا يترتب عليه شحناء وعداوة، فلا شيء فيه، والأفضل ترك ذلك لأنه لهو، والغالب أن حضوره يجر إلى تفويت واجب وفعل محرم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.فتاوى إسلامية، اللجنة الدائمة، (4/432)
*حكم ممارسة الرياضة بسروال قصير لا يستر:
السؤال: ما حكم ممارسة الرياضة بالسراويل القصيرة، وما حكم مشاهدة من يعمل ذلك؟
الجواب: ممارسة الرياضة جائزة إذا لم تله عن شيء واجب؛ فإن ألهت عن شيء واجب فإنها تكون حراماً، وإن كانت ديدن الإنسان بحيث تكون غالب وقته فإنها مضيعة للوقت، وأقل أحوالها في هذه الحالة الكراهة. أما إذا كان الممارس للرياضة ليس عليه إلا سروال قصير يبدو منه فخده أو أكثر فإنه لا يجوز، فان الصحيح أنه يجب على الشباب ستر أفخاذهم، وأنه لا يجوز مشاهدة اللاعبين وهم بهذه الحالة من الكشف عن أفخاذهم فتاوي إسلامية، ابن عثيمين (4/431).
الخـــــــــــــــاتمة
لا ينبغي أن تُتخذَ (كرةَ القدمِ) وسيلةً للدعوةِ إِلى اللهِ تعالى، كشأنِ من يجيزُ الكذبَ وهجرَ المسلمين، وإِيذاءهم لمصلحةِ الدعوةِ ـ زعموا ـ !!؛ لأنَّ الدين إِن لم يقم بالجَدِّ، فمن الاستحالةِ بمكانٍ أَن يقومَ باللعبِ!
قال تعالى:{خذوا ما آتيناكم بقوّةٍ (البقرة:63). بل، وهل خلقنا الله ـ سبحانه وتعالى ـ من أجلِ الرياضةِ واللعبِ؟! أَم إِنَّه خلقنا عبثاً وباطلاً؟ سبحانه. وقد تقدَّمَ أَضرارُ لعبة كرة القدم وشرورُها، وأَنّها سلبت الأمّة أَموالها وطاقتها، وفرقتها شيعًا وأَحزابًا، فكلُّ نادٍ وكلُّ لاعبٍ له مؤيدوهُ ومناصروه ومحبوه وشانئوه، وصدقَ اللهُ العظيمُ) فإنّها لا تعمى الأَبصار ولكن تعمى القلوبُ الّتي في الصدورِ الحج:46
وقال صلى الله عليه وسلم: (تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرِيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ)( مالك 1395)، وقال الإمام أحمد رحمه الله: أصول السنة عندنا -التمسك بما كان أصحاب رسول الله ، والإقتداء بهم.....)
قال الإمام محمد بن حسين الآجري رحمه الله تعالى، قد ذكرت هذا الباب في (كتاب الفتن) في أحاديث كثيرة. وقد ذكرت هنا طرفاً منها، ليكون المؤمن العاقل يحتاط لدينه، فإن الفتن على وجوه كثيرة، قد مضت منها فتن عظيمة، نجا منها أقوام، وهلك فيها أقوام باتباعهم الهوى، وإيثارهم للدنيا، فمن أراد الله به خيراً فتح له باب الدعاء، والتجأ إلى مولاه الكريم، وخاف على دينه، وحفظ لسانه وعرف زمانه، ولزم المحجة الواضحة -السواد الأعظم-، ولم يتلوّن في دينه، وعبد ربه تعالى، فترك الخوض في الفتنة، فإن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير، ألم تسمع إلى قول النَّبي r، وهو محذر أمته الفتن؟ قال: (يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً، ويصبح كافراً!! مسلم في الإيمان.
قال الشاعر:
تريد النجاة ولم تسلك مسالكها فإن السفينة لا تجري على اليابس
فعلينا التمسك بكتاب ربنا، وسنة نبينا r، والإقتداء بسلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين، وترك التشبه بالكفار، وعدم الاغترار بالمدنية الزائفة.
والفضل لله وحده لا شريك له، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.